عودة للصفحة الرئيسية

انقراض الزي الأزهري

علماء الأزهر الشريف تميزوا عمن عداهم من علماء العالم الإسلامي بتلك الحلة التي يظهرون بها والتي تتكون من الكاكولا (الجبة) والقفطان والعمامة ذات الشال الأبيض. هذا الزي الذي حافظ عليه علماؤنا وأساتذة الأزهر ودعاته قد بدأ ينقرض منذ فترة وأصبح لايرتديه إلاّ قلة منهم.. في الماضي كان طالب الأزهر يعرف بهذا الشعار .. أما اليوم فتخلى عنه وأصبحت البذلة العصرية بموديلاتها المختلفة زياً جديداً له، مما جعله غير معروف كما كان في الماضي بين أقرانه. إن مشكلة انقراض الزي الأزهري تؤرق الجميع حتى أن وزارة الأوقاف المصرية خصصت منحة قدرها عشرة جنيهات لكل إمام مسجد يلتزم بهذا الزي.

وحول الأسباب التي أدت إلى العزوف عن الزي الأزهري يقول فضيلة الدكتور محمد عبد الغني الراجحي عميد كلية أصول الدين السابق:"في سائر الأديان يتميز رجال الدين بزيهم الخاص المخالف للزي العادي .. وبعد نشأة الأزهر الشريف – وهو أكبر معاقل الدين الإسلامي – درج أهله ورجاله على زيّ خاص متميز بعض الشيء.. فبالعمامة والملابس الطويلة الفضفاضة كالعباءة والجبة والقفطان رأينا كبار شيوخنا السالفين .. وكان الأزهريون شديدي التمسك بهذا الزي لايبغون عنه بديلاً، يعتزون به ويعتز الناس بهم في زيهم هذا .. وكان الواحد منهم بين الناس منارة علم ودين (وفتوى) يلجأ الناس إليه لأن صاحب هذا الزي كان موضع ثقة.. واستمر الحال على هذا المنوال بين أساتذة الأزهر وطلابه وعلماء الدين الإسلامي.. وفي الأربعينيات والخمسينيات ونتيجة لتفرق الكليات الأزهرية في نواح متعددة واختلاط طلبة الأزهر وغيرهم من طلبة المدارس وجماهير الشعب بدأ بعض الطلاب لا يتقيدون بالزي الأزهري فتحللوا منه وخلعوا الكاكولا والعمامة ولبسوا الجاكت والبنطلون، وكانت نسبتهم قليلة، ونظر إليهم بعين التسامح ولا سيما أن بينهم طلبة وافدين من دول تلبس الزيّ الأفرنجي.. وفي الستينيات وبعد صدور قانون تطوير الأزهر أخذ هذا الزيّ ينقرض شيئاً فشيئاً حتى لا تكاد تجد في الكليات الأزهرية الأصلية النظرية - كأصول الدين والشريعة والقانون - كلها أكثر من عشر عمائم .. أما الأغلبية الساحقة فقد ودعت العمائم والكاكولا بحجة انه زيّ ثقيل على الجسم وغير مناسب في وسائل المواصلات والاندماج في الناس .. والعبرة ليست بالزيّ ؟!. إن أكثر أساتذة الأزهر لم يعد متمسكاً بزيه الأزهري.. وأصبح مألوفاً وعادياً أن ترى في المناصب القيادية من هو شيخ في ثياب الأفندي ..!!. حتى الشيوخ من خريجي الأزهر الذين يقومون بالإمامة والخطابة والوعظ في مساجد وزارة الأوقاف من النادر أن تجد بينهم متمسكا بالزيّ الأزهري …

ويقول فضيلة الدكتور عبد المنعم نجم –وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة: تعارف الناس من قديم الزمان واستقر في أذهانهم أن يروا علماء وطلاب الأزهر يرتدون الزي الخاص بهم وهو العمامة والكاكولا وهو الزي الذي ميزهم عن بقية الناس وصار منارة ترشد الحائر وتنير الطريق للذي يريد أن يسأل عن أمر أو حكم من أحكام الدين الحنيف، وقد أضفى الزيّ الأزهري على لابسيه سمة الوقار والإجلال والمهابة بين الناس، وفي جانب آخر ألزم لابسيه بالمحافظة على منزلة رجل الدين والبعد عمّا لا يليق به، وظل الأمر قائماً على ذلك إلى أن تحرك العداء القديم للذين في قلوبهم مرض .. ودخل الذين يكيدون للإسلام وأهله فأعلنوا الحرب وعددوا جهات القتال حتى ينسلخ رجل الأزهر من زيّه وتذهب علامته ويدخل في خضم الناس فصاروا يطلقون عليه أنه "رجعي" وبعيد عما يجري في عصره، بل وأظهروا لابس العمامة والكاكولا بمظهر السخرية في بعض أجهزة الإعلام.

عودة للصفحة الرئيسية


فصل من كتاب: الاختراق الثقافي في السينما المصرية- تأليف الإذاعي/ مجدي صلاح أبوسالم