ولأن أبينا داود المقارى كان قبل رهبنته وكيلاً لجمعية أبناء الكنيسة فقد كانت البداية أن تكون الكنيسة ضمن مشروعات الجمعية مما لاشك فيه أن وجود القس داود المقارى بين صفوف الجمعية كان عاملاً رئيسيا فى التفاف القلوب حوله وسخاء العطاء وسرعة البناء خاصة انه نال ثقة الكثيرين ازدادت شعبيته بعد ترشيحه للبطريركية وتشكلت لجنه لللاشراف عل جمع التبرعات .
ورغم قلة الإمكانيات لسداد أقساط الأرض للشركة العقارية التى قسمت وباعت الأرض والصعاب التى واجهت الجمعية عند سداد كل قسط إلا إن ابانا داود المقارى بفكره الكتابى لم تنحصر فى مشكلة سداد الأقساط بل انطلق الى أعمال البناء واقامة المشروعات والخدمات واثقاً فى يد الرب القوية وذراعه الرفيعة وأن بركة الرب تغنى ولايزيد معها تعباً . وأختار إن تبدأ أعمال البناء فى هذا المشروع الجديد فى عيد شفيعه القديس مقاريوس الكبير فى 20 مسرى 1663 الموافق 26 أغسطس 1947 وسط احتفال كبير بدأ بصلاة الشكر وقام على إعداد التصميم والمتابعة الهندسية المهندس عدلى بطرس وفى عيد النيروز ( أى بعد 16 يوماً من بدأ أعمال البناء ) أقيم سر داق كبير على هذه الأرض للاحتفال بعيد رأس السنة القبطية وتوالت أعمال البناء جنباً الى جنب مع إقامة عديد من الأنشطة الروحية والاحتفالات بأعياد القديسين وكانت الكنيسة وهى أرضا مصدراً شعاع للنهضات الروحية والاحتفالات الدينية والوطنية فى تلك الفترة ورغم غياب القس داود المقارى بدير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر بناء على أمر غبطة البابا يوساب الثانى فإن العمل لم يتوقف . واتفق رأى أعضاء الجمعية على أن تفتح القاعة المريمية الملحقة بالكنيسة فى عشية السيدة العذراء – حالة الحديد – فى 21 بؤونه 1664 الموافق 28 يوفيه عام 1948 والتى كانت عن عبارة عن حوائط لم تكتمل واعمدة خرسانية والأرض لم يتم تبليطها وسقف القاعة بالجريد والحصر ، وكان احتفالا بهيجاً مباركاً حضره لفيف من الشعب وعلى رأسهم " حبيب باشا المصرى " ( الذى كان وكيلاً للمجلس الملى العام ) وبعد تكريس الكنيسة لم تهدأ حركة البناء فقد شرعت اللجنة القائمة الكنسية فى تسقيف هياكلها ثم تسقيف الكنيسة كلها برغم انشغال اللجنة فى هذه الفترة الحرجة بالقضية المرفوعة من الشركة العقارية ضد جمعية ابناء الكنيسة وعدم استقرار العلاقة بين لجنة الكنيسة وبين مجلس إدارة الجمعية .
وما أن حل عام 1951 حتى كانت الكنيسة بالدور الأول قد صارت فى أبهى صورة من تسقيف وشبابيك وإنارة وبياض بالإضافة الى بناء بعض الغرف الملحقة بها لاستخدامها فى الأنشطة المختلفة مع زرع حديقة صغيرة فى فنائها القبلى .
ولم يكتف أبونا داود المقارى بذلك بل فى أثناء تشطيب الكنيسة بالدور الأول بدأ فى بناء سلم الدور العلوى لتكون على مثال الكاتدرائيات العظيمة وانتهز فرصة الاحتفال بعيد الرسل 12 يوليه عام 1952 وكانت الكنيسة مكتظة بالمصلين ووقف يعلن انه ابتهاجاً بهذا العيد رأت الكنيسة أن تبدأ العمل فى بناء الدور العلوى للكنيسة ولذا سيقومون بتطقيس دينى فى مكان البناء وفعلاً تقدم الآباء الكهنة ثم الشمامسة يحملون المجامر والصلبان والأيقونات وخلفهم الشعب بنظام دقيق . وصعد الشعب للدور العلوى على نغمات الألحان الكنسية وزغاريد النساء ، وتقدم الموكب الى أقصى الشرق حيث مكان القس داود المقارى صلاة الشكر ثم نثر مياه اللقان المتبقية بعد الصلاة وسط ابتهالات الجميع وابتهاجهم . وبعد أن وزع خدام الكنيسة أكواب الشربات والحلوى انصرف الجميع بسلام . ومنذ ذلك اليوم بدأت العمال مع شبابى الكنيسة فى البناء بكل همة حتى نهاية عام 1953 اكتملت الكنيسة بهياكلها وقبابها والمنارتان ( المبنى الخرسانى ) ونظر أبونا داود الى فوق وقال " كفاية كدة " ولم يكن أحد يعلم إن هذه الكلمات إشارة الى انتقاله بعد أن اطمأن على اكتمال البناء وأدى رسالته التى جاهد من اجلها .